السبت، 11 يونيو 2011

الحلم الضائع (قصة قصيرة)



الحلم الضائع

تقلب احمد على فراشه طويلاً ولكن النوم أبى أن يأتي ,فقد كانت الليلة باردة ولم يقيه فراشه المتواضع وتلك البطانية الخفيفة من البرد ,فتح المذياع ليؤنس وحدته على صوت مياده الحناوي تغني (أين أحلام شبابي , أين مني .....)دندن قليلاً مع الأغنية ,اقفل بعدها المذياع وهو لا زال يدندن (أين أحلام شبابي ,أين مني ) حاول النوم مرة أخرى تقلب مجدداً ,ولم يستطع, عاد للترنم (أين أحلام شبابي ) دار في رأسه هذا السؤال ,لقد جاوز الثلاثين من العمر, عاد بذاكرته للوراء حينما كان ذو الخمسة الأعوام حيث كان الكل يشهد بذكائه وفطنته , ختم جزء عم َ في الكُتاب (المعلامة او الفقي ) جاء يجري فرحاً إلى امة وأولاد القرية خلفه يجرون ورائه .
صاح من الفرح أمي أمي لقد ختمت جزء عمة , اعملي لي زينة (حفلة) , ضمته امة إلى صدرها وهمست في أذنيه مبارك يا بني , سأرسلك عند أخي في المدينة لتتعلم وتصبح طبيباً ,
أجابها ولما طبيب يا أمي أريد أن أصبح ضابطاً .
الأم : القرية بحاجة إلى طبيب يا بني ألا ترى صديقك محمد فقد عينيه بسبب المرض , وحمى الضنك التي فتكت بأكثر من نصف سكان القرية.
وبعد أسبوعين ماتت أمه بالحمى
حينها قرر احمد أن يصبح طبيباً ليحقق حلم أمه .
وبعدها بحوالي شهر تزوج الأب بفتاة صغيرة تصغره بحوالي عشرين عام .
واصل احمد حفظة للقرآن عند الكُتاب ,ولكنه كان دائم السؤال لأبيه متى سترسلني للمدينة يا أبي لأتعلم .
وفي احد الأيام سمع شجاراً حاداً بين أبيه وزوجته , لم يفهم ما دار بالضبط ولكن سمعها تقول لما لا ترسله إلى المدينة .
خرج الأب من غرفته واستدعى احمد قائلاً جهز نفسك يا بني سوف نسافر يوم غد إلى المدينة
طار احمد من الفرح وقال: أخيراً سأذهب إلى المدينة لكي أتعلم, شكراً لك يا أبي وطبع على خذ أبيه قبلة , وخرج مسرعاً يجري و يصيح سأذهب للمدينة سأصبح طبيباً,ولم يدري إلا وهو أمام قبر أمه يحدثها بان لا تحزن سوف يحقق لها حلمها , تجمع أولاد القرية خلفه وهو يجري إلى أن وصل إلى اعلي الجبل وصاح بصوت دوى صداه في القرية كلها سأذهب للمدينة وسوف أصبح طبيباً لأحقق حلم أمي .
تلك الليلة كانت باردة أيضاً ولم ينم احمد خلالها من شدة الفرح ولكن شتان ما بين الليلتين , عند الفجر قام وأوقظ أبيه ليصلوا الفجر و يلحقوا بالسيارة , لان أمامهم ساعتين حتى يصلا إلى السيارة , تململ الأب قليلاً وصاح فيه , لدينا وقت يا بني الساعة الآن الرابعة صباحاً .
احمد ولكني أخاف يا أبي أن لا نلحق بالسيارة .
الأب : لا تخف يأبني أمامنا وقت وأنا قد أخبرت سائق السيارة أننا سنذهب معه , وعاد ليسترق غفوة صغيرة.
ظل احمد قلق وبعد حوالي ربع ساعة أيقظ أبوة من جديد .
خرجا من البيت حوالي الخامسة صباحاً إلى أن وصلا للسيارة قاربت الساعة السابعة صباحاً وخلال مسيرته على طول الطريق خرج أولاد القرية يودعوه ويمشون بجانبه والكل كان يتمنى أن يكون (احمد).
ركب السيارة لأول مره ,وحين انطلقت شعر بالغثيان والدوار ,ولكن الفرحة طغت على أي شعور
وشيئا فشيئاً اختفت أمام ناظريه القرية (الجبال ,الأشجار,والمراعي ) .وبعد حوالي خمس ساعات لاحت له معالم المدينة من بعيد .
صاح في أبيه أبي أبي هذه هي المدينة
الأب: اجل يا بني هي المدينة .
اقتربت السيارة شيئاً فشيئاً , زاغ بصر احمد حينما رأى المباني الشاهقة , والأسواق , والسيارات
والشوارع والأرصفة ,وازدحام الناس .
وقفت السيارة في المحطة نزل أبوه واحمد ممسك بيده بخوف , ورهبه من هذا العالم الجديد .
سار احمد مع أبوه إلى أن وصلا إلى إحدى البقالات , سلم الأب على احدهم , وجلس لبرهة من الوقت معه , وبعدها نادى احمد وقال: له كن رجل يا بني اسمع كلام عمك صالح , وهم بالخروج حينها تبعه احمد قائلاً أبي لم تشتري لي ثياب المدرسة , والحقيبة والدفاتر, نظر إليه أبوه ليس ألان يا بني .
أخذه عمه صالح في اليوم الأول لوصوله إلى بيته والذي يقع في الدور العلوي , وبعدها اعد له مكان في ألبقاله لينام فيه , ويبدأ العمل في ألبقاله منذ الصباح الباكر , كان كل صباح يسترق بعض الوقت ويذهب إلى ركن الشارع أمام المدرسة ليراقب الأولاد وهم يدخلون المدرسة , وفي الظهيرة وهم يهمومون بالخروج كبر احمد وتلاشى حلمه , وعند قريب الفجر , وبينما كان يتابع الذكريات راح في سبات نوم عميق .
دقت الساعة العاشرة صباحاً ولم يفتح احمد ألبقاله , استغرب العم صالح وقام بفتح باب ألبقاله , وصاح في احمد قوم يا بن الوقت تأخر , ووكزه بعصاه , واحمد يهذي ويتمتم بلغه لم يفهمها كثيراً العم صالح ويقول (أين أحلام شبابي ) ...........حينها دوت قهقه العم صالح في المكان استيقظ على أثرها .

هناك 4 تعليقات:

  1. قصة جميلة دمعت عيني لها كتاباتك رقيقة ومعبرة
    اتمنى لك دوام الاستمرار بالتميز والتفوق دائما

    ردحذف
  2. قصة جميلة دمعت عيني لها كتاباتك رقيقة ومعبرة
    اتمنى لك دوام الاستمرار بالتميز والتفوق دائما

    ردحذف
  3. وضاع العمر ياولدي ، تسلمي يايمامة حكاية رائعة قريبه من الواقع ، كنت اتوقع لهذه الحكايةنهايةيفرح لها القلب وينشرح لها الصدر ولكنها الدراما
    عوض
    18/6/2011

    ردحذف
  4. هههههههه
    الواقع الذي نعيشه مرير وامر من العلقم
    املنا كبير في المستقبل القادم
    شكراً لمرورك اخي عوض

    ردحذف